الوظيفة: مكفكف دموع
دائما ما كنت أتأذى من دخول دورات المياه العمومية خصوصا إذا كنت (مرغما) على دخولها رغم أنفي فأضطر ساعتها إلى أن أختار أهون الشرين تلافيًا للفضيحة. وهناك أكثر من سبب لتذمري؛ فأولاً: النظافة تكاد تكون معدومة في أغلب الأماكن٬ وهذه بحد ذاتها مصيبة٬ وتكمل الناقص ظاهرة في منتهى السخافة٬ ألا وهي الكتابة على الجدران٬ عبارات هي أقذر من الحمامات نفسها٬ مع شخبطات ورسومات لا يفعلها ولا يقدم عليها إلاّ كل شاذ ومعتوه ومريض.
ومن المؤكد أن أغلبكم قد شاهدوا ذلك٬ وقد يكون البعض منكم قد فعلوا ذلك أيضا٬ وتعجبني بعض المرافق التي تجعل جدران حماماتها كلها مكسوة (بالسيراميك)٬ الذي لا يعطي المجال لكل من هب ودب لأن يحفر أو يكتب أو يرسم عليها ما يشاء٬ عندها فمن السهولة على عمال النظافة إزالتها. وقيل لي والله أعلم إن دورات مياه النساء فيها كذلك ما هو أشنع٬ وإذا كان ذلك صحيحا٬ فإنني أترحم على من يطلق عليهن زو ًرا وبهتانًا: اسم (الجنس اللطيف)٬ فلا لطف مع هذه البذاءات إطلاقا.
بعض الناس يصعب عليهم التلفظ بكلمة (آسف) للاعتذار٬ وقد لاحظ أحد رجال الأعمال في اليابان ذلك٬ فأنشأ (وكالة للاعتذار)٬ وأسعارها كالتالي: (254 (دولارا لتقديم الاعتذار وجها لوجه٬ مع باقة من الزهور٬ و(95 (دولارا لإرسال اعتذار عبر البريد الإلكتروني والتليفون. يكفكف ويمسح دموعها طبعًا ولاحظت تلك الوكالة أن البعض قد يبكون أحيانًا بسبب ضغوط الحياة٬ فقررت أن تبعث لأي رجل امرأة تكفكف دموعه٬ ولكل امرأة رجلاً مقابل أجر. لو أنني كنت في اليابان لا أستبعد أن ألتحق بتلك الوكالة بوظيفة (مكفكف دموع)٬ إذ إن لي خبرة في هذا المجال الحيوي. ***
احترمت إمام مسجد في إسطنبول بتركيا يقال له: (مصطفى ايفا)٬ حيث فتح أبواب المسجد للقطط الضالة٬ رحمة بها من الموت المؤكد بسبب برد الشتاء القارس٬ وقد نال عمله ذاك الاستحسان من الكثيرين٬ ولم يعترض المصلون على الصلاة بجانب القطط. وأقدم شكري للإمام باللغة التركية: tesekkurler icin imam camminin) جامنن إماميجن تيشيكرلر).
نقلا عن "الشرق الأوسط"